كتاب اللقطة الصغيرة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كتاب اللقطة الصغيرة
كتاب اللقطة الصغيرة
قال الشافعي رحمه الله تعالى في اللقطة مثل حديث مالك عن النبي سواء وقال في ضالة الغنم إذا وجدتها في موضع مهلكة فهي لك فكلها فإذا جاء صاحبها فاغرمها له وقال في المال يعرفه سنة ثم يأكله إن شاء فإن جاء صاحبه غرمه له وقال يعرفها سنة ثم يأكلها موسرا كان أو معسرا إن شاء إلا أني لا أرى له أن يخلطها بماله ولا يأكلها حتى يشهد على عددها ووزنها وظرفها وعفاصها ووكائها فمتى جاء صاحبها غرمها له وإن مات كانت دينا عليه في ماله ولا يكون عليه في الشاة يجدها بالمهلكة تعريف إن أحب أن يأكلها فهي له ومتى لقي صاحبها غرمها له وليس ذلك له في ضالة الإبل ولا البقر لأنهما يدفعان عن أنفسهما وإنما كان ذلك له في ضالة الغنم والمال لأنهما لا يدفعان عن أنفسهما ولا يعيشان والشاة يأخذها من أرادها وتتلف لا تمتنع من السبع إلا أن يكون معها من يمنعها والبعير والبقرة يردان المياه وإن تباعدت ويعيشان أكثر عمرهما بلا راع فليس له أن يعرض لواحد منهما والبقر قياسا على الإبل قال الشافعي وإن وجد رجل شاة ضالة في الصحراء فأكلها ثم جاء صاحبها قال يغرمها خلاف مالك قال الشافعي ابن عمر لعله أن لا يكون سمع الحديث عن النبي في اللقطة ولو لم يسمعه انبغى أن يقول لا يأكلها كما قال ابن عمر انبغى أن يفتيه أن يأخذها وينبغي للحاكم أن ينظر فإن كان الآخذ لها ثقة أمره بتعريفها واشهد شهودا على عددها وعفاصها ووكائها وأمره أن يوقفها في يديه إلى أن يأتي ربها فيأخذها وإن لم يكن ثقة في ماله وأمانته أخرجها من يديه إلى من يعف عن الأموال ليأتي ربها وأمره بتعريفها لا يجوز لأحد ترك لقطة وجدها إذا كان من أهل الأمانة ولو وجدها فأخذها ثم أراد تركها لم يكن ذلك له وهذا في كل ما سوى الماشية فأما الماشية فإنها تخرق بأنفسها فهي مخالفة لها وإذا وجد رجل بعيرا فأراد رده على صاحبه فلا بأس بأخذه وإن كان إنما يأخذه ليأكله فلا وهو ظالم وإن كان للسلطان حمى ولم يكن على صاحب الضوال مؤنة تلزمه في رقاب الضوال صنع كما صنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه تركها في الحمى حتى يأتي صاحبها وما تناتجت فهو لمالكها ويشهد على نتاجها كما يشهد على الأم حين يجدها ويوسم نتاجها ويوسم أمهاتها وإن لم يكن للسلطان حمى وكان يستأجر عليها فكانت الأجرة تعلق في رقابها غرما رأيت أن يصنع كما صنع عثمان بن عفان إلا في كل ما عرف أن صاحبه قريب بأن يعرف بعير رجل بعينه فيحبسه أو يعرف وسم قوم بأعيانهم حبسها لهم اليوم واليومين والثلاثة ونحو ذلك اللقطة الكبيرة أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا التقط الرجل اللقطة مما لا روح له ما يحمل ويحول فإذا التقط الرجل لقطة قلت أو كثرت عرفها سنة ويعرفها على أبواب المساجد والأسواق ومواضع العامة ويكون أكثر تعريفه إياها في الجماعة التي أصباها فيها ويعرف عفاصها ووكاءها وعددها ووزنها وحليتها ويكتب ويشهد عليه فإن جاء صاحبها وإلا فهي له بعد سنة على أن صاحبها متى جاء غرمها وإن لم يأت فهي مال من ماله وإن جاء بعد السنة وقد استهلكها الملتقط حمي أو ميت فهو غريم من الغرماء يحاص الغرماء فإن جاء وسلعته قائمة بعينها فهي له دون الغرماء والورثة وأختى الملتقط إذا عرف رجل العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه لم يدع باطلا أنه يعطيه ولا أجبره في الحكم إلا ببنية تقوم عليها كما تقوم على الحقوق فإن ادعاها واحد أو اثنان أو ثلاثة فسواء لا يجبر على دفعها إليهم إلا ببينة يقيمونها عليه لأنه قد يصيب الصفة بأن الملتقط وصفها ويصيب الصفة بأن الملتقطة عنه قد وصفها فليس لإصابته الصفة معنى يستحق به أحد شيئا في الحكم وإنما قوله أعرف عفاصها ووكاءها والله أعلم أن تؤدى عفاصها ووكاءها مع ما تؤدى منها ولتعلم إذا وضعتها في مالك أنها للقطة دون مالك ويحتمل أن يكون ليستدل على صدق المعترف وهذا الأظهر إنما قال رسول الله البينة على من المدعى فهذا مدع أرأيت لو أن عشرة أو أكثر وصفوها كلهم فأصابوا صفتها ألنا أن نعطيهم إياها يكونون شركاء فيها ولو كانوا ألفا أو ألفين ونحن نعلم أن كلهم كاذب إلا واحدا بغير عينه ولعل الواحد يكون كاذبا ليس يستحق أحد بالصفة شيئا ولا تحتاج إذا التقطت أن تأتي بها إماما ولا قاضيا قال الشافعي فإذا أراد الملتقط أن يبرأ من ضمان اللقطة ويدفعها إلى من اعترفها فليفعل ذلك بأمر حاكم لأنه إن دفعها بغير أمر حاكم ثم جاء رجل فأقام عليه البينة ضمن قال وإذا كان في يدي رجل العبد الآبق أو الضالة من الضوال فجاء سيده فمثل اللقطة ليس عليه أن يدفعه إلا ببينة يقيمها فإذا دفعه ببينة يقيمها عنده كان الاحتياط له أن لا يدفعه إلا بأمر الحاكم لئلا يقيم عليه غيره بينة فيضمن لأنه إذا دفعه ببينة تقوم عنده فقد يمكن أن تكون البينة غير عادلة ويقيم آخر بينة عادلة فيكون أولى وقد تموت البينة ويدعي هو أنه دفعه ببينة فلا يقبل قوله غير أن الذي قبض منه إذا اقر له فيضمنه القاضي للمستحق الآخر رجع هذا على المستحق الأول إلا أن يكون أقر أنه له فلا يرجع عليه وإذا أقام رجل شاهدا على اللقطة أو ضالة حلف مع شاهده وأخذ ما أقام عليه بينة لأن هذا مال وإذا أقم الرجل بمكة بينة على عبد ووصفت البينة العبد وشهدوا أن هذه صفة عبده وأنه لم يبع ولم يهب أو لم نعلمه باع ولا وهب وحلف رب العبد كتب الحاكم بينته إلى قاضي بلد غير مكة فوافقت الصفة صفة العبد الذي في يديه لم يكن للقاضي أن يدفعه إليه بالصفة ولا يقبل إلا أن يكون شهود يقدمون عليه فيشهدون عليه بعينه ولكن إن شاء الذي له عليه بينة أن يسأل القاضي أن يجعل هذا العبد ضالا فيبيعه فيمن يزيد ويأمر من يشتريه ثم يقبضه من الذي اشتراه قال الشافعي وإذا أقام عليه البينة بمكة بعينه أبرأ القاضي الذي اشتراه من الثمن بإبراء رب العبد ويرد عليه الثمن إن كان قبضه منه وقد قيل يختم في رقبة هذا العبد ويضمنه الذي استحقه بالصفة فإن ثبت عليه الشهود فهو له ويفسخ عنه الضمان وإن لم يثبت عليه الشهود رد وإن هلك فيما بين ذلك كان له ضامنا وهذا يدخله أن يفلس الذي ضمن ويستحقه ربه فيكون القاضي أتلفه ويدخله أن يستحقه ربه وهو غائب فإن قضى على الذي دفعه إليه بإجازته في غيبته قضى عليه بأجر ما لم يغصب ولم يستأجر وإن أبطل عنه كان قد منع هذا حقه بغير استحقاق له ويدخله أن يكون جارية فارهة لعلها أم ولد لرجل فيخلى بينها وبين رجل يغبب عليها ولا يجوز فيه إلا القول الأول قال الشافعي وإذا اعترف الرجل الدابة في يدي رجل فأقام رجل عليها بينة أنها له قضى له القاضي بها فإن ادعى الذي هي في يديه أنه اشتراها من رجل غائب لم يحبس الدابة عن المقضي له بها ولم يبعث بها إلى البلد الذي فيها البيع كان البلد قريبا أو بعيدا ولا أعمد إلى مال رجل فأبعث به إلى البلد لعله يتلف قبل أن يبلغه بدعوى إنسان لا أدري كذب أم صدق ولو علمت أنه صدق ما كان لي أن أخرجها من يدي مالكها نظرا لهذا أن لا يضيع حقه على المغتصب لا تمنع الحقوق بالظنون ولا تملك بها وسواء كان الذي استحق الدابة مسافرا أو غير مسافر ولا يمنع منها ولا تنزع من يديه إلا أن يطيب نفسا عنها ولو أعطى قيمتها أضعافا لأنا لا نجبره على بيع سلعته قال الشافعي ويأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحل له الصدقة ومن لا تحل له فقد أمر النبي أبي بن كعب وهو أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارا أن يأكلها أخبرنا الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه وجد دينارا على عهد رسول الله فذكره للنبي فأمره أن يعرفه فلم يعترف فأمره أن يأكله ثم جاء صاحبه فأمره أن يغرمه قال الشافعي وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبية بني هاشم وقد روى عن النبي الإذن بأكل اللقطة بعد تعريفها سنة علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن خالد الجهني وعبد الله بن عمرو بن العاص وعياض ابن حماد المجاشعي رضي الله عنهم قال الشافعي والقليل من اللقطة والكثير سواء لا يجوز أكله إلا بعد سنة فأما أن آمر الملتقط وإن كان أمينا أن يتصدق بها فما أنصفت الملتقط ولا الملتقط عنه إن فعلت إن كانت اللقطة مالا من مال الملتقط بحال فلم آمره أن يتصدق وأنا لا آمره أن يتصدق به ولا بميراثه من أبيه وإن أمرته بالصدقة فكيف أضمنه ما آمره بإتلافه وإن كانت الصدقة مالا من مال الملتقط عنه فكيف آمر الملتقط بأن يتصدق بمال غيره بغير إذن رب المال ثم لعله يجده رب المال مفلسا فأكون قد أتويت ماله ولو تصدق بها ملتقطها كان متعديا فكان لربها أن يأخذها بعينها فإن نقصت في أيدي المساكين أو تلفت رجع على الملتقط إن شاء بالتلف والنقصان وإن شاء أن يرجع بها على المساكين رجع بها إن شاء قال الشافعي وإذا التقط العبد اللقطة فعلم السيد باللقطة فأقرها بيده فالسيد ضامن لها في ماله في رقبة العبد وغيره إذا استهلكها العبد قبل السنة أو بعدها دون مال السيد لأن أخذه اللقطة عدوان إنما يأخذ اللقطة من له ذمة يرجع بها عليه ومن له مال يملكه والعبد لا مال له ولا ذمة وكذلك إن كان مدبرا او مكاتبا أو أم ولد والمدبر والمدبرة كلهم في معنى العبد إلا أن أم الولد لا تباع ويكون في ذمتها إن لم يعلمه السيد وفي مال المولى إن علم قال الربيع وفي القول الثاني إن علم السيد أن عبده التقطها أو لم يعلم فأقرها في يده فهي كالجناية في رقبة العبد ولا يلزم السيد في ماله شيء قال الشافعي والمكاتب في اللقطة بمنزلة الحر لأنه يملك ماله والعبد بعضه حر وبعضه عبد يقضي بقدر رقه فيه فإن التقط اللقطة في اليوم الذي يكون لنفسه فيه أقرت في يديه وكانت مالا من ماله لأن ما كسب في ذلك اليوم في معاني كسب الأحرار وإن التقطها في اليوم الذي هو فيه للسيد أخذها السيد منه لأن ما كسبه في ذلك اليوم للسيد وقد قيل إذا التقطها في يوم نفسه أقر في يدي العبد بقدر ما عتق منه وأخذ السيد بقدر ما يرق منه وإذا اختلفا فالقول قول العبد مع يمينه لأنها في يديه ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء حتى تمضي سنة وإذا باع الرجل الرجل اللقطة قبل السنة ثم جاء ربها كان له فسخ البيع وإن باعها بعد السنة فالبيع جائز ويرجع رب اللقطة على البائع بالثمن أو قيمتها إن شاء فأيهما شاء كان له قال الربيع ليس له إلا ما باع إذا كان باع بما يتغابن الناس بمثله فإن كان باع بما لا يتغابن الناس بمثله فله ما نقص عما يتغابن الناس بمثله قال الشافعي وإذا كانت الضالة في يدي الوالي فباعها فالبيع جائز ولسيد الضالة ثمنها فإن كانت الضالة عبدا فزعم سيد العبد أنه أعتقه قبل البيع قبلت قوله مع يمينه إن شاء المشتري يمينه وفسخت البيع وجعلته حرا ورددت المشتري بالثمن الذي أخذ منه قال الربيع وفيه قول آخر أنه لا يفسخ البيع إلا ببينة تقوم لأن بيع الوالي كبيع صاحبه فلا يفسخ بيعه إلا ببينة أنه أعتقه قبل بيعه لأن رجلا لو باع عبدا ثم أقر أنه أعتقه قبل أن يبيعه لم يقبل قوله فيفسخ على المشتري بيعه إلا ببينة تقوم على ذلك قال الشافعي وإذا التقط الرجل الطعام الرطب الذي لا يبقى فأكله ثم جاء صاحبه غرم قيمته وله أن يأكله إذا خاف فساده وإذا التقط الرجل ما يبقى لم يكن له أكله إلا بعد سنة مثل الحنطة والتمر وما أشبهه قال الشافعي والركاز دفن الجاهلية فما وجد من مال الجاهلية على وجه الأرض فهو لقطة من اللقط يصنع فيه ما يصنع في اللقطة لأن وجوده على ظهر الأرض وفي مواضع اللقطة يدل على انه ملك سقط من مالكه ولو تورع صاحبه فأدى خمسه كان أحب إلي ولا يلزمه ذلك قال الشافعي وإذا وجد الرجل ضالة الإبل لم يكن له أخذها فإن أخذها ثم أرسلها حيث وجدها فهلكت ضمن لصاحبها قيمتها والبقر والحمير والبغال في ذلك بمنزلة ضوال الإبل وغيرها وإذا أخذ السلطان الضوال فإن كان لها حمى يرعونها فيه بلا مؤنة على ربها رعوها فيه إلى أن يأتي ربها وإن لم يكن لها حمى باعوها ودفعوا أثمانها لأربابها ومن أخذ ضالة فأنفق عليها فهو متطوع بالنفقة لا يرجع على صاحبها بشيء وإن أراد أن يرجع على صاحبها بما أنفق فليذهب إلى الحاكم حتى يفرض لها نفقة ويوكل غيره بأن يقبض لها تلك النفقة منه وينفق عليها ولا يكون للسلطان أن يأذن له أن ينفق عليها إلا اليوم واليومين وما أشبه ذلك مما لا يقع من ثمنها موقعا فإذا جاوز ذلك أمر ببيعها ومن التقط لقطة فاللقطة مباحة فإن هلكت منه بلا تعد فيها فليس بضامن لها والقول قوله مع يمينه وإذا التقطها ثم ردها في موضعها فضاعت فهو ضامن لها وإن رآها فلم يأخذها فليس بضامن لها وهكذا إن دفعها إلى غيره فضاعت أضمنه من ذلك ما أضمن المستودع واطرح عنه الضمان فيما أطرح عن المستودع قال الشافعي وإذا حل الرجل دابة الرجل فوقفت ثم مضت أو فتح قفصا لرجل عن طائر ثم خرج بعد لم يضمن لأن الطائر والدابة أحدثا الذهاب والذهاب غير فعل الحال والفاتح وهكذا الحيوان كله وما فيه روح وله عقل يقف فيه بنفسه ويذهب بنفسه فأما ما لا عقل له ولا روح فيه مما يضبطه الرباط مثل زق زيت وراوية ماء فحلها الرجل فتدفق الزيت فهو ضامن إلا أن يكون حل الزيت وهو مستند قائم فكان الحل لا يدفقه فثبت قائما ثم سقط بعد فإن طرحه إنسان فطارحه ضامن لما ذهب منه وإن لم يطرحه إنسان لم يضمنه الحال الأول لأن الزيت إنما ذهب بالطرح دون الحل وأن الحل قد كان ولا جناية فيه قال الشافعي ولا جعل لأحد جاء بآبق ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جعل له وسواء في ذلك من يعرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ومن قال لأجنبي إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرة دنانير ثم قال لآخر إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرون دينارا ثم جاءا به جميعا فكل واحد منهما نصف ما جعله لأنه إنما أخذ نصف ما جعل عليه كله كان صاحب العشرة قد سمع قوله لصاحب العشرين أو لم يسمعه وكذلك لو قال لثلاثة فقال لأحدهم إن جئتني به فلك كذا ولآخر ولآخر فجعل أجعالا مختلفة ثم جاءوا به جميعا فلكل واحد منهم ثلث جعله وفي اختلاف مالك والشافعي اللقطة قال الربيع سألت الشافعي رحمه الله عمن وجد لقطة قال يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان أو معسرا فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت له وما الحجة في ذلك فقال السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله أبي بن كعب وأمره النبي بأكلها وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل بعد أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال جاء رجل إلى النبي فسأله عن اللقطة فقال أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها قال الشافعي فرويتم عن النبي ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك فقلتم يكره أكل اللقطة للغني والمسكين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال إني وجدت لقطة فماذا ترى فقال له ابن عمر عرفها قال قد فعلت قال فزد قال فعلت قال لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها قال الشافعي وابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر يكره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون لو تركها ضاعت وترجم في كتاب اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما اللقطة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال دخل على ابن قيس قال سمعت هزيلا يقول رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال عرفتها ولم أجد من يعرفها قال استمتع بها وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي وحديث ابن مسعود يشبه السنة وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدقوا بثمنها وقال اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلى الغرم ثم قال وهكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث ابن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو بعينه يقولون إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء
الأم_أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي
قال الشافعي رحمه الله تعالى في اللقطة مثل حديث مالك عن النبي سواء وقال في ضالة الغنم إذا وجدتها في موضع مهلكة فهي لك فكلها فإذا جاء صاحبها فاغرمها له وقال في المال يعرفه سنة ثم يأكله إن شاء فإن جاء صاحبه غرمه له وقال يعرفها سنة ثم يأكلها موسرا كان أو معسرا إن شاء إلا أني لا أرى له أن يخلطها بماله ولا يأكلها حتى يشهد على عددها ووزنها وظرفها وعفاصها ووكائها فمتى جاء صاحبها غرمها له وإن مات كانت دينا عليه في ماله ولا يكون عليه في الشاة يجدها بالمهلكة تعريف إن أحب أن يأكلها فهي له ومتى لقي صاحبها غرمها له وليس ذلك له في ضالة الإبل ولا البقر لأنهما يدفعان عن أنفسهما وإنما كان ذلك له في ضالة الغنم والمال لأنهما لا يدفعان عن أنفسهما ولا يعيشان والشاة يأخذها من أرادها وتتلف لا تمتنع من السبع إلا أن يكون معها من يمنعها والبعير والبقرة يردان المياه وإن تباعدت ويعيشان أكثر عمرهما بلا راع فليس له أن يعرض لواحد منهما والبقر قياسا على الإبل قال الشافعي وإن وجد رجل شاة ضالة في الصحراء فأكلها ثم جاء صاحبها قال يغرمها خلاف مالك قال الشافعي ابن عمر لعله أن لا يكون سمع الحديث عن النبي في اللقطة ولو لم يسمعه انبغى أن يقول لا يأكلها كما قال ابن عمر انبغى أن يفتيه أن يأخذها وينبغي للحاكم أن ينظر فإن كان الآخذ لها ثقة أمره بتعريفها واشهد شهودا على عددها وعفاصها ووكائها وأمره أن يوقفها في يديه إلى أن يأتي ربها فيأخذها وإن لم يكن ثقة في ماله وأمانته أخرجها من يديه إلى من يعف عن الأموال ليأتي ربها وأمره بتعريفها لا يجوز لأحد ترك لقطة وجدها إذا كان من أهل الأمانة ولو وجدها فأخذها ثم أراد تركها لم يكن ذلك له وهذا في كل ما سوى الماشية فأما الماشية فإنها تخرق بأنفسها فهي مخالفة لها وإذا وجد رجل بعيرا فأراد رده على صاحبه فلا بأس بأخذه وإن كان إنما يأخذه ليأكله فلا وهو ظالم وإن كان للسلطان حمى ولم يكن على صاحب الضوال مؤنة تلزمه في رقاب الضوال صنع كما صنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه تركها في الحمى حتى يأتي صاحبها وما تناتجت فهو لمالكها ويشهد على نتاجها كما يشهد على الأم حين يجدها ويوسم نتاجها ويوسم أمهاتها وإن لم يكن للسلطان حمى وكان يستأجر عليها فكانت الأجرة تعلق في رقابها غرما رأيت أن يصنع كما صنع عثمان بن عفان إلا في كل ما عرف أن صاحبه قريب بأن يعرف بعير رجل بعينه فيحبسه أو يعرف وسم قوم بأعيانهم حبسها لهم اليوم واليومين والثلاثة ونحو ذلك اللقطة الكبيرة أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا التقط الرجل اللقطة مما لا روح له ما يحمل ويحول فإذا التقط الرجل لقطة قلت أو كثرت عرفها سنة ويعرفها على أبواب المساجد والأسواق ومواضع العامة ويكون أكثر تعريفه إياها في الجماعة التي أصباها فيها ويعرف عفاصها ووكاءها وعددها ووزنها وحليتها ويكتب ويشهد عليه فإن جاء صاحبها وإلا فهي له بعد سنة على أن صاحبها متى جاء غرمها وإن لم يأت فهي مال من ماله وإن جاء بعد السنة وقد استهلكها الملتقط حمي أو ميت فهو غريم من الغرماء يحاص الغرماء فإن جاء وسلعته قائمة بعينها فهي له دون الغرماء والورثة وأختى الملتقط إذا عرف رجل العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه لم يدع باطلا أنه يعطيه ولا أجبره في الحكم إلا ببنية تقوم عليها كما تقوم على الحقوق فإن ادعاها واحد أو اثنان أو ثلاثة فسواء لا يجبر على دفعها إليهم إلا ببينة يقيمونها عليه لأنه قد يصيب الصفة بأن الملتقط وصفها ويصيب الصفة بأن الملتقطة عنه قد وصفها فليس لإصابته الصفة معنى يستحق به أحد شيئا في الحكم وإنما قوله أعرف عفاصها ووكاءها والله أعلم أن تؤدى عفاصها ووكاءها مع ما تؤدى منها ولتعلم إذا وضعتها في مالك أنها للقطة دون مالك ويحتمل أن يكون ليستدل على صدق المعترف وهذا الأظهر إنما قال رسول الله البينة على من المدعى فهذا مدع أرأيت لو أن عشرة أو أكثر وصفوها كلهم فأصابوا صفتها ألنا أن نعطيهم إياها يكونون شركاء فيها ولو كانوا ألفا أو ألفين ونحن نعلم أن كلهم كاذب إلا واحدا بغير عينه ولعل الواحد يكون كاذبا ليس يستحق أحد بالصفة شيئا ولا تحتاج إذا التقطت أن تأتي بها إماما ولا قاضيا قال الشافعي فإذا أراد الملتقط أن يبرأ من ضمان اللقطة ويدفعها إلى من اعترفها فليفعل ذلك بأمر حاكم لأنه إن دفعها بغير أمر حاكم ثم جاء رجل فأقام عليه البينة ضمن قال وإذا كان في يدي رجل العبد الآبق أو الضالة من الضوال فجاء سيده فمثل اللقطة ليس عليه أن يدفعه إلا ببينة يقيمها فإذا دفعه ببينة يقيمها عنده كان الاحتياط له أن لا يدفعه إلا بأمر الحاكم لئلا يقيم عليه غيره بينة فيضمن لأنه إذا دفعه ببينة تقوم عنده فقد يمكن أن تكون البينة غير عادلة ويقيم آخر بينة عادلة فيكون أولى وقد تموت البينة ويدعي هو أنه دفعه ببينة فلا يقبل قوله غير أن الذي قبض منه إذا اقر له فيضمنه القاضي للمستحق الآخر رجع هذا على المستحق الأول إلا أن يكون أقر أنه له فلا يرجع عليه وإذا أقام رجل شاهدا على اللقطة أو ضالة حلف مع شاهده وأخذ ما أقام عليه بينة لأن هذا مال وإذا أقم الرجل بمكة بينة على عبد ووصفت البينة العبد وشهدوا أن هذه صفة عبده وأنه لم يبع ولم يهب أو لم نعلمه باع ولا وهب وحلف رب العبد كتب الحاكم بينته إلى قاضي بلد غير مكة فوافقت الصفة صفة العبد الذي في يديه لم يكن للقاضي أن يدفعه إليه بالصفة ولا يقبل إلا أن يكون شهود يقدمون عليه فيشهدون عليه بعينه ولكن إن شاء الذي له عليه بينة أن يسأل القاضي أن يجعل هذا العبد ضالا فيبيعه فيمن يزيد ويأمر من يشتريه ثم يقبضه من الذي اشتراه قال الشافعي وإذا أقام عليه البينة بمكة بعينه أبرأ القاضي الذي اشتراه من الثمن بإبراء رب العبد ويرد عليه الثمن إن كان قبضه منه وقد قيل يختم في رقبة هذا العبد ويضمنه الذي استحقه بالصفة فإن ثبت عليه الشهود فهو له ويفسخ عنه الضمان وإن لم يثبت عليه الشهود رد وإن هلك فيما بين ذلك كان له ضامنا وهذا يدخله أن يفلس الذي ضمن ويستحقه ربه فيكون القاضي أتلفه ويدخله أن يستحقه ربه وهو غائب فإن قضى على الذي دفعه إليه بإجازته في غيبته قضى عليه بأجر ما لم يغصب ولم يستأجر وإن أبطل عنه كان قد منع هذا حقه بغير استحقاق له ويدخله أن يكون جارية فارهة لعلها أم ولد لرجل فيخلى بينها وبين رجل يغبب عليها ولا يجوز فيه إلا القول الأول قال الشافعي وإذا اعترف الرجل الدابة في يدي رجل فأقام رجل عليها بينة أنها له قضى له القاضي بها فإن ادعى الذي هي في يديه أنه اشتراها من رجل غائب لم يحبس الدابة عن المقضي له بها ولم يبعث بها إلى البلد الذي فيها البيع كان البلد قريبا أو بعيدا ولا أعمد إلى مال رجل فأبعث به إلى البلد لعله يتلف قبل أن يبلغه بدعوى إنسان لا أدري كذب أم صدق ولو علمت أنه صدق ما كان لي أن أخرجها من يدي مالكها نظرا لهذا أن لا يضيع حقه على المغتصب لا تمنع الحقوق بالظنون ولا تملك بها وسواء كان الذي استحق الدابة مسافرا أو غير مسافر ولا يمنع منها ولا تنزع من يديه إلا أن يطيب نفسا عنها ولو أعطى قيمتها أضعافا لأنا لا نجبره على بيع سلعته قال الشافعي ويأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحل له الصدقة ومن لا تحل له فقد أمر النبي أبي بن كعب وهو أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارا أن يأكلها أخبرنا الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه وجد دينارا على عهد رسول الله فذكره للنبي فأمره أن يعرفه فلم يعترف فأمره أن يأكله ثم جاء صاحبه فأمره أن يغرمه قال الشافعي وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبية بني هاشم وقد روى عن النبي الإذن بأكل اللقطة بعد تعريفها سنة علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن خالد الجهني وعبد الله بن عمرو بن العاص وعياض ابن حماد المجاشعي رضي الله عنهم قال الشافعي والقليل من اللقطة والكثير سواء لا يجوز أكله إلا بعد سنة فأما أن آمر الملتقط وإن كان أمينا أن يتصدق بها فما أنصفت الملتقط ولا الملتقط عنه إن فعلت إن كانت اللقطة مالا من مال الملتقط بحال فلم آمره أن يتصدق وأنا لا آمره أن يتصدق به ولا بميراثه من أبيه وإن أمرته بالصدقة فكيف أضمنه ما آمره بإتلافه وإن كانت الصدقة مالا من مال الملتقط عنه فكيف آمر الملتقط بأن يتصدق بمال غيره بغير إذن رب المال ثم لعله يجده رب المال مفلسا فأكون قد أتويت ماله ولو تصدق بها ملتقطها كان متعديا فكان لربها أن يأخذها بعينها فإن نقصت في أيدي المساكين أو تلفت رجع على الملتقط إن شاء بالتلف والنقصان وإن شاء أن يرجع بها على المساكين رجع بها إن شاء قال الشافعي وإذا التقط العبد اللقطة فعلم السيد باللقطة فأقرها بيده فالسيد ضامن لها في ماله في رقبة العبد وغيره إذا استهلكها العبد قبل السنة أو بعدها دون مال السيد لأن أخذه اللقطة عدوان إنما يأخذ اللقطة من له ذمة يرجع بها عليه ومن له مال يملكه والعبد لا مال له ولا ذمة وكذلك إن كان مدبرا او مكاتبا أو أم ولد والمدبر والمدبرة كلهم في معنى العبد إلا أن أم الولد لا تباع ويكون في ذمتها إن لم يعلمه السيد وفي مال المولى إن علم قال الربيع وفي القول الثاني إن علم السيد أن عبده التقطها أو لم يعلم فأقرها في يده فهي كالجناية في رقبة العبد ولا يلزم السيد في ماله شيء قال الشافعي والمكاتب في اللقطة بمنزلة الحر لأنه يملك ماله والعبد بعضه حر وبعضه عبد يقضي بقدر رقه فيه فإن التقط اللقطة في اليوم الذي يكون لنفسه فيه أقرت في يديه وكانت مالا من ماله لأن ما كسب في ذلك اليوم في معاني كسب الأحرار وإن التقطها في اليوم الذي هو فيه للسيد أخذها السيد منه لأن ما كسبه في ذلك اليوم للسيد وقد قيل إذا التقطها في يوم نفسه أقر في يدي العبد بقدر ما عتق منه وأخذ السيد بقدر ما يرق منه وإذا اختلفا فالقول قول العبد مع يمينه لأنها في يديه ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء حتى تمضي سنة وإذا باع الرجل الرجل اللقطة قبل السنة ثم جاء ربها كان له فسخ البيع وإن باعها بعد السنة فالبيع جائز ويرجع رب اللقطة على البائع بالثمن أو قيمتها إن شاء فأيهما شاء كان له قال الربيع ليس له إلا ما باع إذا كان باع بما يتغابن الناس بمثله فإن كان باع بما لا يتغابن الناس بمثله فله ما نقص عما يتغابن الناس بمثله قال الشافعي وإذا كانت الضالة في يدي الوالي فباعها فالبيع جائز ولسيد الضالة ثمنها فإن كانت الضالة عبدا فزعم سيد العبد أنه أعتقه قبل البيع قبلت قوله مع يمينه إن شاء المشتري يمينه وفسخت البيع وجعلته حرا ورددت المشتري بالثمن الذي أخذ منه قال الربيع وفيه قول آخر أنه لا يفسخ البيع إلا ببينة تقوم لأن بيع الوالي كبيع صاحبه فلا يفسخ بيعه إلا ببينة أنه أعتقه قبل بيعه لأن رجلا لو باع عبدا ثم أقر أنه أعتقه قبل أن يبيعه لم يقبل قوله فيفسخ على المشتري بيعه إلا ببينة تقوم على ذلك قال الشافعي وإذا التقط الرجل الطعام الرطب الذي لا يبقى فأكله ثم جاء صاحبه غرم قيمته وله أن يأكله إذا خاف فساده وإذا التقط الرجل ما يبقى لم يكن له أكله إلا بعد سنة مثل الحنطة والتمر وما أشبهه قال الشافعي والركاز دفن الجاهلية فما وجد من مال الجاهلية على وجه الأرض فهو لقطة من اللقط يصنع فيه ما يصنع في اللقطة لأن وجوده على ظهر الأرض وفي مواضع اللقطة يدل على انه ملك سقط من مالكه ولو تورع صاحبه فأدى خمسه كان أحب إلي ولا يلزمه ذلك قال الشافعي وإذا وجد الرجل ضالة الإبل لم يكن له أخذها فإن أخذها ثم أرسلها حيث وجدها فهلكت ضمن لصاحبها قيمتها والبقر والحمير والبغال في ذلك بمنزلة ضوال الإبل وغيرها وإذا أخذ السلطان الضوال فإن كان لها حمى يرعونها فيه بلا مؤنة على ربها رعوها فيه إلى أن يأتي ربها وإن لم يكن لها حمى باعوها ودفعوا أثمانها لأربابها ومن أخذ ضالة فأنفق عليها فهو متطوع بالنفقة لا يرجع على صاحبها بشيء وإن أراد أن يرجع على صاحبها بما أنفق فليذهب إلى الحاكم حتى يفرض لها نفقة ويوكل غيره بأن يقبض لها تلك النفقة منه وينفق عليها ولا يكون للسلطان أن يأذن له أن ينفق عليها إلا اليوم واليومين وما أشبه ذلك مما لا يقع من ثمنها موقعا فإذا جاوز ذلك أمر ببيعها ومن التقط لقطة فاللقطة مباحة فإن هلكت منه بلا تعد فيها فليس بضامن لها والقول قوله مع يمينه وإذا التقطها ثم ردها في موضعها فضاعت فهو ضامن لها وإن رآها فلم يأخذها فليس بضامن لها وهكذا إن دفعها إلى غيره فضاعت أضمنه من ذلك ما أضمن المستودع واطرح عنه الضمان فيما أطرح عن المستودع قال الشافعي وإذا حل الرجل دابة الرجل فوقفت ثم مضت أو فتح قفصا لرجل عن طائر ثم خرج بعد لم يضمن لأن الطائر والدابة أحدثا الذهاب والذهاب غير فعل الحال والفاتح وهكذا الحيوان كله وما فيه روح وله عقل يقف فيه بنفسه ويذهب بنفسه فأما ما لا عقل له ولا روح فيه مما يضبطه الرباط مثل زق زيت وراوية ماء فحلها الرجل فتدفق الزيت فهو ضامن إلا أن يكون حل الزيت وهو مستند قائم فكان الحل لا يدفقه فثبت قائما ثم سقط بعد فإن طرحه إنسان فطارحه ضامن لما ذهب منه وإن لم يطرحه إنسان لم يضمنه الحال الأول لأن الزيت إنما ذهب بالطرح دون الحل وأن الحل قد كان ولا جناية فيه قال الشافعي ولا جعل لأحد جاء بآبق ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جعل له وسواء في ذلك من يعرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ومن قال لأجنبي إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرة دنانير ثم قال لآخر إن جئتني بعبدي الآبق فلك عشرون دينارا ثم جاءا به جميعا فكل واحد منهما نصف ما جعله لأنه إنما أخذ نصف ما جعل عليه كله كان صاحب العشرة قد سمع قوله لصاحب العشرين أو لم يسمعه وكذلك لو قال لثلاثة فقال لأحدهم إن جئتني به فلك كذا ولآخر ولآخر فجعل أجعالا مختلفة ثم جاءوا به جميعا فلكل واحد منهم ثلث جعله وفي اختلاف مالك والشافعي اللقطة قال الربيع سألت الشافعي رحمه الله عمن وجد لقطة قال يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان أو معسرا فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت له وما الحجة في ذلك فقال السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله أبي بن كعب وأمره النبي بأكلها وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل بعد أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال جاء رجل إلى النبي فسأله عن اللقطة فقال أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها قال الشافعي فرويتم عن النبي ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك فقلتم يكره أكل اللقطة للغني والمسكين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال إني وجدت لقطة فماذا ترى فقال له ابن عمر عرفها قال قد فعلت قال فزد قال فعلت قال لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها قال الشافعي وابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر يكره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون لو تركها ضاعت وترجم في كتاب اختلاف علي وابن مسعود رضي الله عنهما اللقطة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال دخل على ابن قيس قال سمعت هزيلا يقول رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال عرفتها ولم أجد من يعرفها قال استمتع بها وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي وحديث ابن مسعود يشبه السنة وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدقوا بثمنها وقال اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلى الغرم ثم قال وهكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث ابن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو بعينه يقولون إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء
الأم_أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي
رحيل- عدد المساهمات : 98
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 30/09/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى